[rtl][size=19]بين الناس[/size][size=19].
[/size][size=19]وفي إحدى الايام قام بزيارة لمدينة أنزجمير للشيخ سيدي محمد بن عبد الرحمان الذي فرح بزيارته كثيرا , وبقي معه مدة من الزمن يغرف من بحوره , وينال من أسراره ,حتى أذن له في الرحيل ,وأوصاه بفتح مدرسة لتدريس الطلبة ,وإفادة المسلمين في أمور دينهم , فأجابه رحمه الله بقوله : إن الغرض من التعلم والتعليم هو بغية الأجر والثواب , وذالك لا يتحقق إلا بتعليم أولاد المسلمين أمور الديانة , والحرص على الإفادة , ولكن اليد قصيرة , ولا أملك بناية لذالك ولا مأوى , فقال له رحمه الله : لما تعود لبلدك سوف تجد كل شيء سهلا ميسرا إن شاء الله[/size][size=19].
[/size][size=19]وبالفعل فما إن وصل رحمه الله تمنطيط , حتى سخر له الله سبحانه وتعالى كل شيء, فوجد المكان المناسب للمدرسة[/size][size=19] .
[/size][size=19]وكان هذا بداية التسهيل والتسيير , وبعد مدة ليست بالبعيدة أحضر بعض أصدقائه أولاده , وهكذا بدأ عددالطلبة يتزايد يوما بعديوم , فكان من الطلبة الأوائل الشيخ الحاج أحمد نومناس , والحاج عبدالكريم التنلاني , والشيخ سيدي الحاج محمد بلكبير , والشيخ سيدالحاج محمد العالم ,وغيرهم من الطلبة[/size][size=19] .
[/size][size=19]وكان رحمه الله يطبق نظاما تدريسيا جيدا , فقد كان الطالب بمجرد أن يحضر للمدرسة , يسأله : هل ختمت القرآن أم لا ؟ , فإن تبين له حفظه , وذالك بعد استظهاره أمام المكلف بالتدريس بدأله الوقفة في ابن عاشر ,والآجرومية , وإن وجده غير حافظ بدأله ابن عاشر فقط , والباقي حتى يكمل حفظ كتاب الله[/size][size=19] .
[/size][size=19]كان رحمه الله بعد صلاة الصبح مباشرة , يدخل إلى بيته لقراءة أوراده وأذكاره , ثم بعد ذالك أي في حدود الثامنة شتاء , وفي السابعة صيفا , يتوجه لمجلس الدرس , وكان لايذهب إليه إلابعد قراءته لورد خاص بالدرس , كان يخرج للمجلس والطلبة قدهيؤوا أنفسهم , وحفظ كل منهم وقفته حفظا كاملا متقننا ,فكان رحمه الله ما إن يصل إلى باب المجلس المسمىْ{بدار القراية ْ[/size][size=19]}
[/size][size=19]حتى يقول: {أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمان} , وهكذا يفتتح الدرس , فيبدأصاحب الوقفة الأولى في ابن عاشر , فيفصلها الشيخ ويشرحها , ثم بعد ذالك يقرأ العبقري , والأوجلي , والأخضري ,ثم في النحو الآجرومية وملحة الإعراب ,وألفية ابن مالك , ثم الرسالة لابن أبي زيد القيرواني , ثم مختصر خليل , ثم تحفة الحكام لابن عاصم , ثم يختم درسه بالحكم العطائية[/size][size=19].
[/size][size=19]وكان رحمه الله في مجلس درسه لايستطيع كائنا من كان أن يديم النظر في وجهه , فقد ذكر لنا طلبته ومن نثق بهم أن وجهه كان يتلألأ نورا , وكان يتغير من حال إلى حال[/size][size=19] .
[/size][size=19]ومن الغريب من حاله أيضا أنه رحمه الله كان يبقى في مجلس الدرس يدرس مايزيد على الأربع ساعات , ومايغير جلسته التي جلسها في بداية الدرس[/size][size=19].
[/size][size=19]وقد ذكر طلبته وأبناؤه وكذالك القائم على خدمته , أنه كان كل يوم بعدفراغ الدرس يجهزله ملابس أخرى لأن تلك الأولى قدصارت مبللة بالكامل , وقد روى لنا أنه كان يعصرها عصرا والماء يتقاطر منها , وهذا كله إنما هو من الخشية , والحضور مع الله في كل وقت وحين[/size][size=19] .
[/size][size=19]وكان في مجلس الدرس لايتكلم إلا العربية الفصحى , ولا يحبذ العامية ولاينطقها في مجلسه , لأنه كان يرى أن التلميذ لما يسمع الدرس بالفصحى يكون ذالك أقرب إلى رسوخ لفظ العربية في ذهنه وعقله[/size][size=19] .[/size][/rtl]
[size=19]وكان رحمه الله لمايخرج من المجلس , إذاأعلموه بوجود ضيوف في انتظاره توجه إليهم ,وإن لم يكن بقي في بيته بقصد المطالعة والتحضير , فقد ذكر القائم بأعماله وهو شيخنا وتلميذه السيد الحاج محمد معطالله أنه لما يدخل من الدرس يأمره بإحضارالأدوات المستعملة في طبخ الشاي حتى لما يجيء السي امحمد أدرار , وهوأحد تلامذته والمقدمين عنده , يجدالأدوات جاهزة , وإن غاب السي امحمد أوتأخر في شغل ما , كان الشيخ يقول له : ائتني بتلك الأدوات , ويصنع الشاي رحمه الله بنفسه , وكان السيد : الحاج محمد معطالله حينها لم يبلغ الحلم , ولايعرف كيفية طبخ الشاي , لكنه كان محبا للشاي , لهذا كان الشيخ لمايصنع الشاي يقول له: خذ يافضولي , صغير وتحب الشاي , وهذالأمر إن دل على شيء فإنما يدل على سماحة الشيخ , وحسن كمال أدبه , فمن منا اليوم يصنع الشاي بنفسه مع وجود زوجته , فمابالك إن كان له طلبة وتلاميذ وخدم , لكنه رحمه الله عاش عمره زاهدا عفيفاقانعا , متوكلا على الله في جميع أمره . وكان رحمه الله الناس أفقر الناس في تمنطيط إذاأردت أن تحسبها بالأمور المادية , [/size]